عمود رقم (1)
جميع الأغاني اتكالِن عليك
(وردي وانهزام الرحيل الأخير)
جميع الأغاني اتكالِن عليك
(وردي وانهزام الرحيل الأخير)
أن تكونَ مغنياً ، فهذا يضعك في خانةٍ حرجة ... وأن تواجه صراعات الساسة وتقلبات ومحن الوطن بهذا الفنان الذي يسكنك ، فهذه مجازفة قد تكلفك حياتك ووقتك... وأن تكونَ أنت الشخص الذي يُفترض به التغيير – بكلمة ولحن – فهذا إبتلاءٌ لا يصيبُ سوى الرُسل.. وأن تكون أنت (وردي) فهذه قمة الرسالية .. وهذا أثقل عبء يمكن أن يُكلف به إنسان خصوصاً في ذلك الزمان الذي يقذف بك إلى المنافي بسببِ كلمةٍ صدحت بها ذات عنادٍ ما .
لا أظن أن الأقلام قد تركت شيئاً في جوفها يخص الحديث عنك ولم (تدشره) .. ولا أظنني في خانةٍ تؤهلني للحديثِ عنك .. ولكني دعني أقل لك مالم يحدثك به الأخرين .. ودعني أعتذرُ لك نيابةً عن هذا الوطن الذي لم يحسن إستضافتك ذات لحنٍ ما ..
مالم يقله الآخرون – حباً فيكَ – ورغبةً في تملكك ، أنك كنت أكبر من أن تكونَ معنا في ذات الوطن الذي لم يستطع حملك داخله لأنه كان يحسبُك (إبناً غير شرعياً له) وأنت الذي لطالما تبنيته في يُتمهِ الأول .
ومالم يقله الآخرون – خوفاً منك – أنك كنت مغروراً بما يمليه عليك المبدع الذي يسكنك بكل كبريائه وجنونه وعظمته ، لأنك كنت أهلاً لذلك ، وكان يجب عليك فعل ذلك .
وما لم يقله الآخرونَ – خوفاً عليك – أنهم كانوا يعلمونَ بأنك ميتٌ لا محالة بعد تراكم الأمراض عليك ، تماماً مثل هذا الوطن الذي أدخلناهُ لتونا غرفة الإنعاش .
وما لم يقله الأخرون – كرهاً فيه – أن الموت كان يجب أن يأخذك ... لأن مايلي من ساحةٍ ثقافية لاتستطيع العيشَ فيها (بورديَّتِكَ) هذه ... لأن (المغنين المطاليق) كانوا سيؤذونك بضوضائهم ، ونخافُ أن (ينجرحَ) لديك النشيد.
وما لم يقله الآخرون – حباً فيه – أن غنائك العذب سيظلُ خرطةً وبوصلةً لعددٍ من الأجيال القادمة التي سيعيِّها طول المسير المضني ... وستجد في كلماتك معيناً لها لمواجهة الغبن السياسي فيما يلي من وطن ...
وما لم يقله الآخرون – خوفاً منهم – أنهم لم يقدموا لك ما يليق بك كـ(وردي).. فالذين هربت من قدومهم .. هاهم يلاحقوك حتى مماتك ويتسيدو الصفوف الأمامية لرحيلك بينما يقبع محبيك و(زملان الشقا) في الخلف ..
الذين يحبونك ويقدرونك ويفهمونك ويعرفون ما تقوله ويعشقونه ، يكتفون بالنظرة الأخيرة من خلف الكواليس ... ويقف الصنف الآخر في مقدمة الصفوف لأن البروتكول والبريستيج يلزمهم بذلك .
أعذرني سيدي ولكن لقد هُزمت أخيراً وأنت المنتصر طوال أغنياتك ..
* فيما يلي من وطن :
جميع الأغاني اتكالن عليك