اليوم عيد ميلادي ،
هكذا يقولون
أو .... هكذا يتذكرون من يهمهم أمري ، أو من يخبرهم بهذا الأمر هذه العولمة التي لا تكف عن الثرثرة
على كلٍ ،
في هذا الوقت من تأريخ الكرة الأرضية جاءت بي أمي إلى الحياة ، وقالت لي (أصدح بما تُؤمر) ... وليتها كانت تعي أن هذا الأمر تنفيذهُ مؤلمٌ حد الفجيعة .. ومكلفٌ حد الخسارة ... وليتها وقتها لو قالت لي (لا تأبه بما تؤمر) ، على الأقل كنت سأتخلص من هذا الشاعر الأحمق الثرثار الذي يسكنني ولا يعجبه شيءٌ في هذا المستنقع الكوني البغيض .
في ذلك اليوم بالتحديد ، قطعاً لم أكن أعلم أن هذا الجسد الصغير العاري المتشبث بأمه ، سيفْصِلُ هذا الوطن حبلهُ السري عنها ... ولم أكن أدرك أن بوابة الرجوع إلى الداخل قد قطعته تلك (الدايه) دون أن تقدم لي ضمانات العيش بالخارج ، ودون أن تستأذنني في ذلك .. ربما كان لي رأي حينها .. ربما وجدت العالم الداخلي خير من هراء هذا العالم الخارجي ، وربما رفضتُ ذلك منذ البداية ، ولكن كيف (للدايه) أن تعرف أن هذا الفم الصامت سينطق يوماً ما كلاماً قد لا يستحسنه من في نفسه (إنَّه) ... وأن هاتين العينين المغمضتين الصغيرتين سترى ذاتَ يومٍ ما وطناً يتمزق أمامها دون أن يكون لديها حتى حق أن تغمض نفسها خجلاً من شناعة هذا المنظر ... وأن هاتين الأذنين ستسمعُ – غصباً عنها – كل كذب الدنيا دون أن يكون لها حق أن تتساوى مع الجمادات فيما يخص هذه الحاسة المؤلمة .
في ذلك اليوم بالتحديد ، قطعاً فرِحت أمي بي ... ولكن لماذا !!؟؟
هل لأنها أنجبت ذكراً جديداً ؟؟
أم هل لأنها أنجبت – أخيراً – طفلاً مختلفاً تعلم النطق قبل أن يتعلم الحبو والمشي عكس إخوانه الآخرين ؟؟
وقطعاً فرح أبي أيضاً ... ولكن لماذا !!؟؟
هل لأنه – مثل باقي الآباء – يفضل الذكور على الإناث ؟؟
أم هل لأنه يريدُ أن يتباهي بهذا الصبي الجديد ذو النظرات الغريبة يوماً ما ؟؟
وقطعاً (غضب) بعض الـ................. في ذلك اليوم ، ولكن لماذا !!؟؟
هل لأنني سأتفوه بما لا يطيقون سماعه !!؟؟
أم هل يخشونَ أن أكشف عورة هذا الوطن عندما أكبُر !!!!!!!!!!!!
عموماً ، فرِحَ من فرح ... وغَضِبَ من غضب ،
وحدي كنت مضطرب الإحساس حينها ، أتلهى بِمص أصبعي والتحليق في هؤلاء النسوة التي أتينَ ليشهدنَ هذا الرضيع ..
كنتُ سأقول لَهُن – لو أتيحت لي الفرصة – ألمْ ترينْ غبياً قبل هذا اليوم غيري !!
وكنتُ سأتسللُ خفيةً من صدرِ أمي لأستكشفَ ملامح هذا الوطن الجديد الذي أنزلاني به أبوايَ غير مهتمين برأيي فيه ...
كنتُ سأرى النيل الخالد الذي يحتضن قريتنا في كاملِ الود والحب .. وسيسرني ذلك ، وكنت سأسأل وقتها من يحكم البلاد ، وسيغضبني ذلك .
ومن سؤِ حظي أن تاريخ ميلادي قد جاء عقب أكبر مذبحة في الوطن العربي في ذلك الوقت وهي مذبحة مخيم صبرا وشاتيلا ؛ وأغلب الظن أن الحصيلة الدقيقة للقتلى من المدنيين الذين أزهقت أرواحهم في هذه المجزرة لن تُعرف أبداً؛ فتقديرات المخابرات العسكرية الإسرائيلية تشير إلى أن ما يتراوح بين 700 و800 شخص قد قُتلوا في صبرا وشاتيلا أثناء المجزرة التي استغرقت اثنتين وستين ساعة، بينما قالت مصادر فلسطينية وغيرها إن عدد القتلى بلغ بضعة آلاف. من بينهم الأطفال والنساء (بما في ذلك الحوامل) والشيوخ؛ ومُثِّل ببعضهم أشنع تمثيل، ونُزعت أحشاؤهم قبل أو بعد قتلهم.
وهذا ما أحزنني أن يفرح بي والداي على مرأى من فجيعة أمهات لبنان على أطفالهن الذين قُتلوا في هذا المجزرة ..
اليوم عيد ميلادي ،
كما يقولون
وبعد عدة أيام عيد ميلاد هذا الوطن المبتور المهيض الجناح والأحلام ...
كيف تريدونني أن أحتفل وهو يحتضر !!!
وكيف تريدونني أن أحتفل ، وهو يتناقص تدريجياً كلما كبرت أطماعهم !!!؟؟
كيف لي أن أطفئ شمعتي ، وشمس هذا الوطن تأذن بالمغيب !!؟
كيف لي أن أفرح ، وأنا أراهُ في كامل وعيه يُساقُ نحو الهلاك !!!؟؟؟
كيف لي أن أرد عليكم تهنئتكم ، وهو ما يزالُ في سرادق العزاء ؟؟؟؟؟؟؟
كيف أفتخر بهذا الميلاد ، وهنالك ملايين من المُشردين الذين لا يعرفون إلى الآن متى وكيف وأين وُلِدوا !!!!!!!؟؟؟
كيف لي أن أكتب شيئاً جميلاً في هذا الميلاد ، وأنا أحزم أمتعتي نحو المنافي ؟؟
كيف نطرب ، وذلك (الاستقلال) لم يتخلص بعد من هذا (الاستغلال) ؟؟؟
كيف نهنئ بعضنا البعض ، وهم يقتلون بعضنا ببعض !!!؟؟
أنا شاكرٌ لكل من هنأني بهذا اليوم ، ولكن أستميحكم عذراً أن لا أرد على تهنئتكم لهذا العام فقط ، آملاً أن تبرأ جراح هذا الوطن لأهنئكم بميلاده الذي نحلم به نحن - لا كما يرسمونه لنا - ذات يوم
تفهموا هذا الأمر يا أصدقائي ، ولكم من الحبِ والودِ ما أضنُّ به على الآخرين ..
هكذا يقولون
أو .... هكذا يتذكرون من يهمهم أمري ، أو من يخبرهم بهذا الأمر هذه العولمة التي لا تكف عن الثرثرة
على كلٍ ،
في هذا الوقت من تأريخ الكرة الأرضية جاءت بي أمي إلى الحياة ، وقالت لي (أصدح بما تُؤمر) ... وليتها كانت تعي أن هذا الأمر تنفيذهُ مؤلمٌ حد الفجيعة .. ومكلفٌ حد الخسارة ... وليتها وقتها لو قالت لي (لا تأبه بما تؤمر) ، على الأقل كنت سأتخلص من هذا الشاعر الأحمق الثرثار الذي يسكنني ولا يعجبه شيءٌ في هذا المستنقع الكوني البغيض .
في ذلك اليوم بالتحديد ، قطعاً لم أكن أعلم أن هذا الجسد الصغير العاري المتشبث بأمه ، سيفْصِلُ هذا الوطن حبلهُ السري عنها ... ولم أكن أدرك أن بوابة الرجوع إلى الداخل قد قطعته تلك (الدايه) دون أن تقدم لي ضمانات العيش بالخارج ، ودون أن تستأذنني في ذلك .. ربما كان لي رأي حينها .. ربما وجدت العالم الداخلي خير من هراء هذا العالم الخارجي ، وربما رفضتُ ذلك منذ البداية ، ولكن كيف (للدايه) أن تعرف أن هذا الفم الصامت سينطق يوماً ما كلاماً قد لا يستحسنه من في نفسه (إنَّه) ... وأن هاتين العينين المغمضتين الصغيرتين سترى ذاتَ يومٍ ما وطناً يتمزق أمامها دون أن يكون لديها حتى حق أن تغمض نفسها خجلاً من شناعة هذا المنظر ... وأن هاتين الأذنين ستسمعُ – غصباً عنها – كل كذب الدنيا دون أن يكون لها حق أن تتساوى مع الجمادات فيما يخص هذه الحاسة المؤلمة .
في ذلك اليوم بالتحديد ، قطعاً فرِحت أمي بي ... ولكن لماذا !!؟؟
هل لأنها أنجبت ذكراً جديداً ؟؟
أم هل لأنها أنجبت – أخيراً – طفلاً مختلفاً تعلم النطق قبل أن يتعلم الحبو والمشي عكس إخوانه الآخرين ؟؟
وقطعاً فرح أبي أيضاً ... ولكن لماذا !!؟؟
هل لأنه – مثل باقي الآباء – يفضل الذكور على الإناث ؟؟
أم هل لأنه يريدُ أن يتباهي بهذا الصبي الجديد ذو النظرات الغريبة يوماً ما ؟؟
وقطعاً (غضب) بعض الـ................. في ذلك اليوم ، ولكن لماذا !!؟؟
هل لأنني سأتفوه بما لا يطيقون سماعه !!؟؟
أم هل يخشونَ أن أكشف عورة هذا الوطن عندما أكبُر !!!!!!!!!!!!
عموماً ، فرِحَ من فرح ... وغَضِبَ من غضب ،
وحدي كنت مضطرب الإحساس حينها ، أتلهى بِمص أصبعي والتحليق في هؤلاء النسوة التي أتينَ ليشهدنَ هذا الرضيع ..
كنتُ سأقول لَهُن – لو أتيحت لي الفرصة – ألمْ ترينْ غبياً قبل هذا اليوم غيري !!
وكنتُ سأتسللُ خفيةً من صدرِ أمي لأستكشفَ ملامح هذا الوطن الجديد الذي أنزلاني به أبوايَ غير مهتمين برأيي فيه ...
كنتُ سأرى النيل الخالد الذي يحتضن قريتنا في كاملِ الود والحب .. وسيسرني ذلك ، وكنت سأسأل وقتها من يحكم البلاد ، وسيغضبني ذلك .
ومن سؤِ حظي أن تاريخ ميلادي قد جاء عقب أكبر مذبحة في الوطن العربي في ذلك الوقت وهي مذبحة مخيم صبرا وشاتيلا ؛ وأغلب الظن أن الحصيلة الدقيقة للقتلى من المدنيين الذين أزهقت أرواحهم في هذه المجزرة لن تُعرف أبداً؛ فتقديرات المخابرات العسكرية الإسرائيلية تشير إلى أن ما يتراوح بين 700 و800 شخص قد قُتلوا في صبرا وشاتيلا أثناء المجزرة التي استغرقت اثنتين وستين ساعة، بينما قالت مصادر فلسطينية وغيرها إن عدد القتلى بلغ بضعة آلاف. من بينهم الأطفال والنساء (بما في ذلك الحوامل) والشيوخ؛ ومُثِّل ببعضهم أشنع تمثيل، ونُزعت أحشاؤهم قبل أو بعد قتلهم.
وهذا ما أحزنني أن يفرح بي والداي على مرأى من فجيعة أمهات لبنان على أطفالهن الذين قُتلوا في هذا المجزرة ..
اليوم عيد ميلادي ،
كما يقولون
وبعد عدة أيام عيد ميلاد هذا الوطن المبتور المهيض الجناح والأحلام ...
كيف تريدونني أن أحتفل وهو يحتضر !!!
وكيف تريدونني أن أحتفل ، وهو يتناقص تدريجياً كلما كبرت أطماعهم !!!؟؟
كيف لي أن أطفئ شمعتي ، وشمس هذا الوطن تأذن بالمغيب !!؟
كيف لي أن أفرح ، وأنا أراهُ في كامل وعيه يُساقُ نحو الهلاك !!!؟؟؟
كيف لي أن أرد عليكم تهنئتكم ، وهو ما يزالُ في سرادق العزاء ؟؟؟؟؟؟؟
كيف أفتخر بهذا الميلاد ، وهنالك ملايين من المُشردين الذين لا يعرفون إلى الآن متى وكيف وأين وُلِدوا !!!!!!!؟؟؟
كيف لي أن أكتب شيئاً جميلاً في هذا الميلاد ، وأنا أحزم أمتعتي نحو المنافي ؟؟
كيف نطرب ، وذلك (الاستقلال) لم يتخلص بعد من هذا (الاستغلال) ؟؟؟
كيف نهنئ بعضنا البعض ، وهم يقتلون بعضنا ببعض !!!؟؟
أنا شاكرٌ لكل من هنأني بهذا اليوم ، ولكن أستميحكم عذراً أن لا أرد على تهنئتكم لهذا العام فقط ، آملاً أن تبرأ جراح هذا الوطن لأهنئكم بميلاده الذي نحلم به نحن - لا كما يرسمونه لنا - ذات يوم
تفهموا هذا الأمر يا أصدقائي ، ولكم من الحبِ والودِ ما أضنُّ به على الآخرين ..