إلى زرياب أزهري :
من أنا لأعتذر لك نيابةً عن وطنٍ كنت قد خنته مسبقاً !!!
وأي مؤهلات تؤهلني لكي أبرر لك سؤ تعامل الحياة معك وهي التي أخذت منا أرواح من نحب دون أن نحاسبها ودون أن نتذمر !!!
أنت لم تكن تقصد ذلك ، وهي كانت تتعمد أو هو كان يقصد ذلك ..
هي الحياة .. وهو الوطن
وأنتَ ، أنتَ ..
أنت لا سواك لم تكن تقصد ذلك ولم تكن لك تعويذة سحرية مضادة تقيكَ شر أن تنقادِ لتعويذة المنفى الملعونه ..
هي أخذتكَ ، لأنها تريد أن تنال شرف أن تحتويك
هي الغربه ..
وهو منحك لها ، لأنه لا يريدك أن تكشف عورته ولا يريدك بقربه مثلك ومثل من طردهم من ترابه ..
هو الوطن ..
وأنت كنت - وما تزال - متعالياً على أحزانك وتمنح من يأسك أملاً جديداً كان - ومايزال - هو ما يبقينا على قيد الحياة ..
لم تقدم لك الحياة ما يناسبك ولم تكن على مقاس طموحاتك وأحلامك ، وكذلك الوطن ..
لم تحتويكَ في طيشك الأول وكانت تتعمد بين وقتٍ وآخر معاقبتك ، وكذلك الوطن ..
سوياً الحياة والوطن وضعوكَ تحت أنياب القدر وقالا له إستوصي به شراً ..
ستذهب لها مجبوراً ولم تكن خيارك الأفضل ..
ولكن يقيناً أنك ستنهض مرةً أخرى كما عرفناك دوماً .. وتلك الإبتسامة التي لطالما زرعتها في دواخلنا ، تأكد أنها ستثمرُ ذات يومٍ ما محبةً وبهجةً لا تتسع لها دواخلك ..
لأنك كنت تحيل ألَمك سعادةً وسروراً في من حولك .. وكنت - حينما تناوشك الحياة - تتصدى لها بحس دعابتك وبيقينك الشامخ مثلك ..
لم نتفق نحن - الذين أسعدتهم الحياة بمقابلتك - بإخفاء معلومةٍ صغيرةٍ عنك مفادها أننا احتملنا ما احتملنا من مآسي بسببِ وجودك معنا ، ولكنّا كنا نضمر هذا الأمر في دواخلنا ولم نصرح به خشيةَ أن تحسدنا الحياة عليك فتأخذك بعيداً عنا ..
ولم نخبرك أيضاً أننا ما كنا لنتعافى من واقعنا السيء وقتها ، لو لم نلتقِ بك ..
كنت هبةً من السماء حلّت علينا ذات محبةٍ ما ..
ولم يَطب لنا مجلسٌ سواك لأنك الوحيد الذي يمتلك قدرة تحويل الوجع إلى طرفةٍ وسعادة ..
أنا شخصياً كنتُ أستغرب لذلك وأتسآءل كيف يمكنك فعل هذا !!!
وما هي التميمة السحرية التي تجعلك تترفع عن إنهزامك لتمنحنا نشوة الإنتصار !!!
مقابل كل ضحكةٍ تضحكها ، كانت تكيل عليك من زيفها ودنسها .. ومع كل ذلك لم تكن الإبتسامة تفارقك ولم تكن تفارقنا ..
أحدنا كان يمسحُ يأسه على ضحكتك ، فتعودُ بيضاءَ من غيرِ يأس ..
كنا في غايةِ الأنانيةِ ونحن نكلفك عناء أن تقاسي بالإنابةِ عنّا ، ولم نكتفِ بذلك بل وطالبناك أن تمد لنا إبتسامتك الوثيرة لننام عليها ..
ولم تكن تبخل ..
وهي كانت تتمنع ..
وهو كان ينظر بحقدٍ لنا ..
هي الحياة وهو الوطن ،
وكأنهما إجتمعا سوياً لتشتيت ذات البين ولمنحك من علقمها ما ينسيك كيفية التعالى على الجراح ..
إلى أستاذي أزهري محمد علي :
كن قوياً كما عهدناك ، فنحن نستمد تماسكنا منك .
خروج :
(السفر : سِرَّك تقولو الدمعه لي صمت المناديل)