حنين
(شهر مارس ، شهر المراءة)
(شهر مارس ، شهر المراءة)
- وأد البنات في الجاهلية كان عادةً دنيئة لا تشبه الإنسانية في شيء ... ولما جاء الإسلام ، نهى عن وأدِهن ووعد بالستر من النار لمن أحسن تربيتهنَّ (من عال جاريتين أو ثلاثاً وأطعمهن وكساهن من جذته - من ماله ومما أعطاه الله- وصبر عليهن، كن له ستراً من النار).
- وقال الله: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) "النحل:58-59" .
هكذا كان حال الذين ينبأؤون بميلاد الأنثى قديماً .. ولعل القرآن الكريم جاء بكلمة (بُشِّرَ) بدلاً من أُخبِر .. وهذا لعمري دليل على عظم هذه الأنثى في الإسلام ودليلٌ على أن ميلاد الأنثى هي بشرى جميله وإلا لما أُستخدمت هنا .
- وعندنا في السودان شاعرٌ خلَّد الأنثى في قصائده وفرح بميلادها عكس الآخرين الذين (ظلَّ وجههم مسوداً ) مما بُشر به .. إنه محجوب شريف شاعر الإنسانية والمراءة ، الشفاف لدرجة الملائكية .. الذي قال لحظة تبشيره بميلاد إبنته :
" قالو أيضا بت ..... قلت مالو، ولو
بختي بختي
إنتي بتي ، أمي وأختي..
همي شيلي .. شيلي مني.. مني ختي "
- لا أظننا إستخدمنا كلمة (بختي .. بختي) عند ميلاد الأنثى ، إلا بعد أن سناها لنا ببساطته وفرحته بهذه البشرى العظيمة . وتمضي قصيدتة إلى أحلامِهِ التي بناها عليها (عِز الهدهده) حتى سداداها لديونه (سددنا دين دكان حسين) .
- وهذا يعني أننا كنا مغايرين للآخرين في الإحتفال بهذا اليوم العالمي للمراءة عبر هذه الأهزوجة وغيرها من القصائد الجميلة التي منحها شاعر الشعب للمراءة إحتراماً وحباً لها وفرحاً بميلادها وقوفاً عند أغنية (صباح الخير) التي سطرها ذات الشاعر لـ(ذات) المرأة مروراً بـ(تبتبات) بنته التي صارت نشيداً يُهدْهد بها أطفالنا .
- تبقى النساء مدينةً لشهر مارس بهذه الإحتفالية التي منحها لها في 8 مارس ، و 21 مارس .. اليوم العالمي للمراءة وعيد الأم .. وهو لعمري إحتفاءٌ بميلاد الإنسانية التي تخرج من أرحامهن .
- بعيداً عن محجوب شريف وقريباً من الأنثى ، فلحظات الترقب الجميلة في إنتظار مولودٍ جديد ، هي من أروع لحظات الإنتظار خصوصاً إذا كان هذا المولود يمنحك لقب أن تصبح (عماً) له لأول مرة بعد أن حرمتك الدنيا من أن تجد (عماً) لك تدعوهُ بهذا الإسم المحبب .
- ما دعاني لكتابة هذه الحروف هي إحتفالنا الأُسري بميلاد أنثى جديدة للأسرة (حنين) .. منحها لنا أخي الأكبر وصيَّرني (عماً) قبل أربعة أيام من اليوم العالمي للمراءة ، ولعل هذه المولودة الجديدة إختارت الخروج في هذا الشهر بالتحديد لتضم صوتها إلى أصوات أولئك النساء من عاملات النسيج في عام 1980 اللاتي إخترنَ شعار "خبز وورود" في المسيرة التي طالبت بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.
- وأختارت كذلك الخروج في هذا الشهر لتمنح أمها فرصة أن تُهنَّى في عيد الأم كغيرها من الأمهات بعد أن كانت بالأمس القريب مجرد أنثى فقط .
- (حنين) هي تواصل أنثوي لمسيرة لنساء في بلدي ولكن نتمنى أن تجد كامل حقوقها عندما تكبر ، ونتمنى مثلما تمنى محجوب شريف لهنَّ :
"بكرة حا يبنوا مدائن ضو ، ما بيعكر صفو الجو صفارة حرب
تشطب من قاموس الدنيا الضرب الشك الخوف
ينعموا كم بالشم والشوف وأغاني الحب"
- لا أريد أن أطيل ... فقد أصبحت أخيراً (عمَّاً) ، فشكراً لك أخي (صابر عوض) وأنت تمنح كل إخوتي وإخواني هذا اللقب وتمنح هذه الأسرةً فتاة الغد ، وتعطينا أخيراً من يقول لي (يا عمو جيب ميه).
• فيما يلي من مستقبل :
تكبري إنتي تشيلي حملنا ... وتزيدينا ، ترانا كملنا .